الجمعة، 12 سبتمبر 2014

من ميناء للصيادين الى ميناء نبيه بري للسياحة في عدلون

ميناء خاص لعدلون. البلدة (قضاء الزهراني) التي لا تزيد مساحتها على تسعة كيلومترات مربعة، ولم تهنأ بأعمال التنقيب عن النفط في بحرها أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وظلت أسيرة أوهام الذهب الأسود، تحقق لها الآن ميناء سياحي خاص بها.
«لا داعي للقلق. إنه ميناء نبيه بري للصيد والنزهة». هكذا يحاول رئيس بلدية عدلون سميح وهبي، تهدئة الجدل القائم حول المشروع. فالبعض يظن أن إنشاء ميناء على الشاطئ الرئيسي للبلدة، من شأنه إقفال البحر بوجه رواده من العموم.
فيما يتحدث آخرون عن أن الإنشاءات المرتقبة بحسب الخرائط الهندسية للمشروع التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، من شأنها أن تردم بقايا المرفأ الفينيقي الذي كان قائماً على الشاطئ. يسعى وهبي إلى حسم الجدل. يعرض النيات التنموية التي دفعت البلدية إلى رفع المخطط للوزارة، وهي «تطوير الشاطئ واستثماره خدماتياً وسياحياً لتنمية واقع عدلون وخلق فرص عمل لأبنائها» يقول وهبي. ذلك الهدف الذي اقترحته البلدية قبل عامين، كان سقفه الأعلى ميناء للصيادين لإعادة تجميع صيادي البلدة الذين يركنون زوارقهم وينطلقون منها من صيدا والصرفند وعدلون. فكيف تحول المشروع من ميناء للصيادين إلى ميناء سياحي؟ يوضح وهبي أن المديرية العامة للنقل البحري، هي التي طورت الفكرة لجعله مشروعاً متكاملاً يكلف على نحو مبدئي نحو 40 مليار ليرة لبنانية، ويستمر العمل فيه لثلاث سنوات. الدراسة الأولى للمشروع تظهر ميناءً دائرياً يقع على الواجهة البحرية الرئيسية لعدلون المعروفة باسم «خليج الميناء»، وكانت تعرف قبل سنوات طويلة باسم «ميناء الزبل».
المساحة الإجمالية التي تقدر بـ 140 ألف متر مربع، تنقسم إلى عدة أقسام: الأول: المسبح الشعبي الموجود حالياً «سيبقى على حاله مفتوحاً للعموم ولن يتأثر بالأشغال المرتقبة»، كما يؤكد وهبي. أما الثاني، فهو حوض الميناء حيث ترسو زوارق الصيادين والسفن، وهو بعيد عن الشاطئ أكثر من 400 متر مربع، ويحيط به سنسولان على شكل حرف L، أولاهما يمتد من الناحية الجنوبية بطول 640 متراً مربعاً، والثاني يلاقيه من الشمال بطول 320 متراً. على طرف السنسول الجنوبي، تُنشأ مواقف للسيارات وسوق لبيع السمك وغرف للصيادين. وبحسب وهبي، تأمل البلدية في وقت لاحق أن يستقطب الميناء السفن التجارية لترسو فيه مؤقتاً لقاء رسم سنوي تقرره الوزارة.
ليس للبلدية أي وصاية على المشروع المنتظر. المدير العام للوزارة، عبد الحفيظ القيسي، تفقد المكان خمس مرات في الأشهر الماضية، فضلاً عن عشرات الجولات التي قام بها استشاريون وخبراء كلفوا إعداد الدراسات اللازمة، بحسب وهبي. فهل هذا يعني أن الوزارة أجرت دراسة للأثر البيئي ومسوحات أثرية لشاطئ عدلون التي يعني اسمها «عيد الآلهة» وورد ذكرها في المراجع التاريخية كمقر وممر لحضارات عدة، ولا سيما الفينيقية والرومانية؟ بالنسبة إلى تأثير الإنشاءات المرتقبة على الثروة السمكية في حوض الميناء، يشير وهبي إلى أن الصيادين لا يرتكزون على تلك المنطقة، بل يقصدون المناطق الأعمق. أما بالنسبة إلى تأثير الإنشاءات على بقايا المرفأ الفينيقي المعروف بميناء أبو الزيد، فأكد وهبي أن المرفأ بعيد عنها أكثر من 3 كيلومترات إلى الجنوب. لكن مصدراً معنياً في المديرية العامة للآثار، أكد في اتصال مع «الأخبار» عدم تلقي أي طلب رسمي للقيام بمسوحات أثرية تؤكد بُعد الموقع الأثري عن الميناء المرتقب، واقترح ضرورة «تكليف فريق متخصص إجراء المسوحات في أقرب وقت قبل البدء بالإنشاءات على الأرض، للتمكن من إجراء تعديلات على الدراسات الهندسية الموضوعة». اللافت أن الوزارة بحسب وهبي، لم تجر حتى الآن مناقصة لتلزيم المشروع لشركة متعهدة، فهل هذه نقطة إيجابية لتسوية المخالفات المحتملة في الدراسات الأولية؟
جمعية «الجنوبيون الخضر» أطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بتوضيح حيثيات تنفيذ المشروع وآليته. في اتصال مع «الأخبار»، رأى رئيس الجمعية هشام يونس، أن المنطقة «تخضع لقوانين الممتلكات البحرية ولا نعرف تحت أي عنوان سيشرع لمشروع كهذا، وأن المرافئ السياحية عادة تكون لمدن أو مواقع سياحية، وهو ما لا ينطبق على عدلون التي تعاني مواقعها إهمالاً مزمناً». ولفت إلى أن التعديات المسجلة في عدلون هي «الأعلى على طول الساحل الجنوبي. ورغم محاولات بذلتها مديرية الآثار لتسوية 16 مخالفة، إلا أن 270 مخالفة جديدة سجلت في محيط المغاور ما قبل التاريخية وحتى الشاطئ».
في عدلون، يخشى لدى البعض بأن المسبح الشعبي الوحيد سيبتلعه حوض الميناء. يؤكد عضو البلدية إبراهيم دبوس أن المسبح لن يتأثر، فيما تعمل البلدية على إنشاء مسبح شعبي آخر في الجهة الجنوبية على شاطئ رملي مساحته أوسع من المسبح الحالي. واستحصلت البلدية على موافقة وزارة النقل على إنشاء طريق عرضها 16 متراً تمتد بمحاذاة الشاطئ تصل بين المسبح الحالي والمسبح الجديد، تدخل في إطار مشروع الميناء.
المصدر: http://www.al-akhbar.com/node/215404