الثلاثاء، 4 يونيو 2019

طريق المشروع سالكة بعد انتظار ٥٠ عاما


بعد انتظار دام اكثر من ٥٠ عاما قررت مصلحة مشروع الليطاني فتح طريق محاذية لمحرى القناة، وقامت جرافات واليات والمصلحة باستعادة الاراضي التابعة للمشروع وازالت التعديات عن حرمه.
الاجراءات التي قامت بها مصلحة الليطاني تهدف الى وقف الاعتداء على المشروع ومنع تلويث المياه.

طريق المشروع تجرف بيت الحاج خضر حاجي

عندما تستبد الدولة وتتحول قراراتها الى معاول تهدم بيوت المستضعفين من اهلها، وعندما تفتقد قرارات مصالحها للرحمة، وعندما ينزعُ المدراء والمتعهدون من تدابيرهم روح القانون، وعندما تستقوي السلطة الجائرة بقوى الامن ورجال الدرك. عند ذلك تأتي جرافات النظام لهدم بيت جدي خضر الذي بناه قبل اكثر من خمسين عاما، والسبب انها تريد ان تسحب من تحته بضعة سنتمترات من الارض تدعي انها لها. 
نحن مع حملة مصلحة مياه الليطاني  بإزالة التعديات عن مجرى النهر والقناة، ولكن كما هي مصالح السلطة دائما فإنها تبدأ بالمستضعفين وتتجاوز عن المستكبرين، تهدم ربع غرفة وتزيل نصف شرفة، تقلع شجرة وتخرب موسما لفلاح يقتات من ثماره، بينما وبكل وقاحة تغض النظر  عن تجاوزات أصحاب المرامل والجبلات والمصانع والمراعي والدواجن وروافد الزيوت وفضلات الصناعات المدعومة من أزلام النظام، وجبال النفايات العائمة وقساطل المجارير الاسنة التي تعتدي كلها على النهر والمجرى والقناة والبيئة وسكانها وقُراها وزرعها ومستقبلها ومستقبل الاجيال القادمة من البشر والثمر.
يقع بيت جدي خضر عند حافة مجرى المشروع، وعندما قرر جدي بناء بيت عمره في السهل جنب القناة لم يكن يحتاج ولا الى شبر واحد من أملاك الدولة، وكان يعتقد انه بنى بيته الحد على الحد. والان بعد نصف قرن تأتي الدولة الى جدي الله يرحمه وتطلب منه ان يهدم بيته ويتراجع سبعة أشبار الى الوراء. 
طوال تلك السنوات وكلما زرت بيت جدي كنت اقول لهم ان على الدولة ان تكرم البيت وأصحابه لانهم تبرعوا من تلقاء أنفسهم لتجميل حافتي المشروع بالورد الجوري وشتول الزنبق والحبق وعطر البساتين، بينما كان مشروع الليطاني لا يعرف مصلحته، والى الان لا يعرف مصلحته.
لم يقل لنا مشروع الليطاني لماذا استفاق من كبوته بعد كل هذه السنوات ليستعيد حقه الداشر؟. هل يريد توسعة القناة في وقت تتقلص الاراضي المزروعة؟. نحن نخشى على المشروع من الدولة نفسها التي تركت التعديات عن قصد تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون، وبساتين الموز والليمون وكل المزروعات. وكل ذلك من اجل تلزيمات مشبوهة.  ها هي الدولة تترك مشاريع البناء تأكل السهل الاخضر، وتحوله الى غابات من الباطون اليابس، لانها تتهرب من دعم الزراعة والمزارعين، ولا تزال تصر على بيعهم الماء لقاء سقاية اراضيهم.
ربما سيأتي يوما سيتحول فيه المشروع الى اطلال او مجرى للنفايات والذكريات لان مشاريع الشقق الجاهزة لن تترك ارض بور لزراعتها.
الله يرحم روحك يا جدي خضر، فالمساكين الذين اتهموك اليوم بالاعتداء على أملاك المشروع لا يعرفون ان معولك هو الذي حفر القناة في عز الصيف وبرد الشتاء، واذا امعنوا النظر قليلا سيجدون اثار اقدامك على حافة المشروع.