الأحد، 7 ديسمبر 2008

عدلون في العيد تتذكر الموتى والمرضى والغربة

ها هي عدلون تحتفل بعيد الأضحى، وصلاة العيد يوم الثلاثاء في المسجد لا الاثنين وإن كان الاستعدادات لهذ المناسبة قد بدأت من منذ يوم عصر يوم الأحد. غصت البيوت بالقلوب الدافئة، جاء الابناء والاحفاد الى منازل الأباء والأجداد يقبلون الآيدي ويطلبون الرضا، فيما توجهت النسوة الى المقابر لتغسل أضرحة الأحبة الذين تركوا بقية عمرهم خلفهم ورحلوا الى الله.
دائماً يُذكرن العيد بالأيام التي عبرت الى الماضي دون رجعة ولم يبق منها الا الحنين، بالأمس قبل ثلاثين سنة كانت الضيعة صغيرة والبيوت تحن على بعضها البعض، كانت الليرة بعزها، لذلك كان عيد الأضحى يحل على الأهالي بالخير الوفير، وعلى الأولاد بالفرحة طوال اليوم، فيتوجون الى المراجيح والدويخة وغيرها من الألعاب المسلية، ثم يأكلون الفلافل ويتحولون بغزل البنات، ويشربون العصير والكازوز ويفرقعون قبل ان يعودوا الى منازلهم لتناول الغذاء.
تتميز عدلون في أعيادها خصوصاً بالتزاور بين اهلها، وأول من يستحق التحية والسلام هم الأموات في قبورهم، فتنشغل النسوة قبل أيام في التحضير لزيارة الجبانة، وعشية اليوم الأول للعيد تفوح في زوايا البلدة الثلاثة رائحة البخور والريحان الأخضر، وتستمر عابقة الى الفجر عندما تستقبل الجبانة قبل شروق الشمس الزوار مجدداً لتستمع منهم الى سورة الفاتحة وما تيسر من الدعاء وكلام الوفاء للأعزاء الذين يستمعون ولا يجيبون، وتقبل هدايا الأحياء، حتى القبور المطمورة بالتراب، وتلك التي زال حبرها الأسود وفقدت اسماء اصحابها لطول الزمن تستحق البر بها.
بعد ذلك تعيش عدلون لحظات نادرة من تبادل الزيارة تمتد حتى اليوم الثاني من العيد لأن الضيعة كبرت 10 اضعاف عما كانت عليه قبل ربع قرن، ويحصل المرض على اكبر عدد من الزوار ثم كبار السن. لكن ما بات يشغل بال الجميع هي الاتصالاتن الهاتفية الواردة الى الأهل من بلاد الغربة، فواحدة من حديث التزاور يدور حول "هل اتصل بك فلان؟. هل اتصلت بفلان؟". وربما بسبب غربة عدد كبير من الشباب دخل الهاتف الثابت الى عدد كبير من البيوت، فيما يحل الجوال في أيدي غالبية السكان احيانا بدون سبب وجيه.
اذا نبشنا الذكريات أكثر سنرى السيد علي مهدي ابراهيم يأم الأهالي في صلاة العيد فيما يصدح صوت الحاج حسين سعد بالدعاء لبيك اللهم لبيك ان الحمد والنعمة لك لبيك اللهم لبيك، وبعد الانتهاء من الصلاة تدفع صدقة العيد لمن يحتاجها، ولم تختلف هذ العادة كثيراً فاليوم تقام صلاة العيد في المسجد بأمامة الشيخ حسن دبوس، ويتدافع الناس للمسجد طمعاً بالثواب.
لم تعد كما في الماضي تعجن طحينها وتخبز عجينها، وتأكل من خبزها، صار الصاج هرما وغريباً في التخاشيب خلف البيوت، فحلويات العيد تدخل المنازل محمولة من الصرفند وصيدا وأغلب علب المعمول والبقلاوة تأتي من عند حلويات الاخلاص في الغازية حتى الأكل فالبعض يفضله جاهزاً.
كثيرة هي ذكريات الماضي، لكن قلة هم الذين يتذكرون، وقلة هم الذين يحفظون ويكتبون. كل عام وانتم بخير