الثلاثاء، 9 فبراير 2016

مشروع عدلون أكبر من مرفأ: الاختلال البيئي سيُصيب الشاطئ على مسافة 20 كلم

متابعة لملف شاطئ عدلون، أرسلت جمعية بحر لبنان رأياً علمياً لعضو الجمعية شارل لوكور الأستاذ المتقاعد في جامعة باريس الأولى، حول المشروع، أكد فيه «أن بناء مرفأ على شاطئ شبه مستقيم هو بمثابة تحدّ للطبيعة لاسيما وأن ذلك يتطلّب تشييد حواجز كاسرة للأمواج بغية منع هذه الأمواج من الوصول الى الشاطئ». ويلاحظ لوكور «ان المشروع أكبر بكثير من كونه مرفأ للصيادين ويتم التحضير فيه لإنشاءات صناعية او منشآت ضخ للنفط او مشاريع مدنية. ويظهر أيضاً على انه مرفأ للاغنياء اصحاب البواخر الترفيهية ، وقد تم إعطاء الصيادين بعض الأماكن كحجة للمثابرة في المشروع».
برأيه «لحظ القيمون على المشروع بناء رصيف يمتد في البحر على مسافة 250 متراً وكاسر أمواج طوله 600 متر وذلك لحماية مسطح مساحته 15 هكتاراً، مما يعني أن المشروع هو مشروع ضخم وأن عدد البواخر الترفيهية المعدة لكي ترسو فيه كبير جداً لاسيما وان المرفأ مُعَدّ لاستيعاب 400 باخرة. هذا يعني ايضاً أن المشروع يستوجب رؤوس اموال ضخمة لا يمكن تأمينها في الوقت الراهن بل سيتطلب ذلك مدة طويلة جداً».

الاختلال البيئي
لكن الأخطر من كل ذلك كله، بحسب لوكور، هو «الاختلال البيئي الذي سيعاني منه الشاطئ». وهو يلاحظ «أن الإنشاءات الضخمة المزمع قيامها ستدمّرالمسطحة الكلسية والمجمعات الرملية الكائنة تحت المياه قبالة الشاطئ في المكان الذي سيبنى فيه المرفأ. إضافة الى ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار التعديلات التى ستطرأ في التنقلات الرسوبية على طول الشاطئ. فالمكان الذي سيقام فيه المرفأ يبعد 15 كيلومتراً عن مصب نهر الليطاني الذي يجر الى البحر رواسب نحيفة (نلاحظ وجود هذه الرواسب في مياه النهر التي تتخذ لوناً أحمر بعد هطول الامطار الغزيرة) ورمال متنقلة في مجراه. ثم ان حركة الامواج توزع هذه المواد على طول الشاطئ. يغذّي قسم من هذه الرواسب الشريط الساحلي بالقرب من شمال صور. أما القسم الآخر، فإنما يتمّ جرّه بواسطة الانحراف العام باتجاه الشمال، حيث يصبّ على الشواطئ المحيطة لجون وعدلون وشمالي هذه المنطقة بطريقة غير متواصلة».

زوال شواطئ!
كما يُعتبر «أن السدّ البحري المزمَعَ إنشاؤه سيضع حداً لتنقل الرمال بمسافة 250 متراً مقابل الشاطئ، اي ما يعادل عمقاً يتراوح بين ثلاثة وخمسة أمتار، الأمر الذي سيؤدي الى الزوال التدريجي لعدد من الشواطئ الصغيرة. وسيمتد البحر آجلاً أم عاجلاً ليغمر المساحات القريبة الموزعة على مشارف عدلون وانصارية. كذلك سيغمر البحر عدداً كبيراً من المباني المشيّدة على مستواه كمباني الصرفد مثلاً. يعني هذا الرهان ان الاختلال البيئي سيصيب الشاطئ على مسافة حوالي عشرين كيلومتراً على الأقل. زد على ذلك الإنشاءات المتلازمة مع المرفأ الترفيهي التي سيتم بناؤها مثل المباني للاستقبال والخدمات والسكن وذلك على مساحة تفوق مرتين مساحة المرفأ اي ما يوازي 30 هكتاراً... ليخلص الى الاستنتاج «نحن أمام عملية عقارية بامتياز».

نتائج كارثية
ويؤكد لوكور أنه «من الصعب تقدير المضار المباشرة وغير المباشرة التي ستلحق بالثروتين الحيوانية والنباتية البحريتين. هذا الأمر سيسبب ضرراً باقتصاد الصيد المحلي. وإنه لمن العسير بمكان تقدير الضرر الذي سيلحق بالتراثين الفينيقي والمسيحي الكائن في الأماكن الحجرية للشاطئ.
في نهاية المطاف، نجد أن المقاربة بين الإيجابيات والسلبيات تبدو مائلة الى حد كبير باتجاه السلبيات. ينبغي التقدير بالأرقام لقيمة الضرر الاقتصادي والبيئي الذي سيتكبده البحر والارض والشاطئ ومقارنة ذلك بقيمة التوظيفات والأرباح المنتظرة. فنتائج هذا المشروع القريبة والبعيدة المدى تبدو كارثية لهذا الشاطئ السريع العطب».
ويختم «مرة أخرى، لم يتم التقدير بدقة وكما تجب فائدة هذه المشاريع الكبرى المرجوة. لا شك في أنها مشاريع تعتمد على المضاربة العقارية».
أما رئيسة جمعية بحر لبنان ريما طربيه فقد أكدت في اتصال مع «السفير» أمس، «أن كل ما ينشأ على الشاطئ هو كارثة بيئية وسيدهور الوضع الذي هو سيئ أصلاً». كما عادت بالذاكرة إلى ردم البحر في صيدا الذي اعترضت عليه الجمعية من دون أن تجد من يناصرها حتى نهاية الطريق! واعتبرت «أن إنشاء ميناء في عدلون يستطيع ربما ان يخدم البعض على المدى القصير، لكن على المدى الطويل سينتج تدهور اقتصادياً - سياحياً... لان وضع الشاطئ الرملي في لبنان يتدهور وان تلوث البحر سيضر بمصالح الصيادين، اذ ستنخفض اعداد الأسماك أكثر وأكثر».